الامانة خلق عظيم ، و صفة حميدة كريمة يتحلى بها الطاهرون الكرام الأبرار من الناس ، و ضرورتها و أهميتها من أشد و أول الضروريات كي تبنى المجتمعات ، و ليس هناك من نبي بعث في قومه إلا و قد أوصى بحفظ الأمانة و صونها ، و هي ما حث و أمر به رسولنا الكريم و شدد عليه بان نصونها و نرعى الأمانات و نحفظها ، و قد تجلت صفة الأمانة أحسن تجلي في الرسول عليه الصلاة و السلام ، فقد نعث بالامين و عرفت أمانته قبل بعثته و في شبابه الى آخر عمره ، و قد حذرنا كذلك الله سبحانه و تعالى من عاقبة من يخون الأمانة و أجر من يحفظها في القرآن الكريم في عدة آيات ، فهي من أسس الدين الاسلامي الحنيف .
مفهوم الأمانة
الامانة في اللغة مصدرها من أمُنَ وأمِنَ و جمعها أمانات ، و معانيها كثيرة فهي الإئتمان و الأمان و الأمن و الأمانة و رغم إختلاف المعاني إلا أن مفهومها و غايتها واحدة و تدخل كلها في مفهوم الامانة ، و للأمانة مرادفات تجمعها كالصدق و الإخلاص و الوفاء و الإحتفاظ و الحفظ و الصون و النزاهة ، و حفظ الأيمان و العهود و المواثيق و إيتاء الحقوق و القيام بالحق فعلا و قولا ، و عكس الأمانة هي الخيانة و الخيانة هي نقيض كل صفة محمودة ذكرناها ، في الغدر و الكذب و الإعتداء و غيرها
و الأمانة في المغزي و الاسطلاح و المعنى هي أداء حقوق الناس و أموالهم لهم و رد الودائع لأصحابها بكل إخلاص و كما أعطوها غير منقوصة وقت طلبهم لها ، و لا يحق لمن عنده أمانة من شخص أمنه عليها أن يعبث بها أو يستغلها في أعماله أو يستثمرها إن كانت مالا أو مادة أو سلعة . و الأمانة هي حفظ العهد و الوفاء به و القيام به و العمل به دون غدر و لا غش و لا نقض للعهد .
و تشمل الأمانة كذلك كل ما فرضه الله سبحانه و تعالى على العباد من فرائض و عبادات ، و ما عليه واجبات و تكاليف ، و الإنتهاء عما نهى الله سبحانه عنه و إجتنابه ، و الدين الإسلامي إتخذ الأمانة أساس صدق المؤمن و أن الخائن ليس مسلما بل هو منافق كما قال رسول الله صلى عليه و سلم في حديثه الشريف حين قال: (آيةُ المنافقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذبَ، وإذا وعَدَ أخلفَ، وإذا اؤتُمِنَ خان)،
لذا فـإن الخائن منافق و ليس له من الدين شيئ ، الأمانة شرعا هي قضاء العبادات مة صلوات و زكاة و فرائض الإسلام كلها و العمل بها بصدق و إحلاص في النية و طلبا لثواب الله و ليس رياء للناس و تظاهرا ، و هي الصدق في القول و كتمان الأسرار و حفظها ، و الإلتزام بمكارم الاخلاق و تجنب سبيل الخائنين و الضلال .
ضرورة و أهمية الأمانة و الغاية منها
للأمانة ضرورة و أهمية كبيرة في حياتنا الإحتماعية و الدينية و الشخصية ، فهي متصلة بجميع الصفاة و الأفعال التي نقوم بها يوميا ، كما أ،ها أساس الدين وقوامه و بها تصح و تكتمل فرائض الدين و شريعة الإسلام و أركانها ، فالامانة في الدين واجبة و مفروضة ، ، كما هو الحال في أمور الدنيا و معاملاتنا المادية و المعنوية مع الناس ، في مبادلاتنا المادية و البيع و الشراء و العقود و المعاهدات و حفظ الأسرار و غيرها من معاملاتنا سواء بين الأشخاص أو المجتماعات و الدول فبها يعم الأمن و الأمان و تحفظ العهود و المواثيق .
و لقد حثت و أكدت الشريعة الإسلامية على ضرورة الأمانة و حفظها و عدم الخيانة و ذالك بأدلة شرعية تثبت ذلك فجاء في كتاب الله الكريم و قرآنه العظيم مجموعة من الآيات في باب حفظ الأمانة .
فقال سبحانه و تعالى : ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)
و قال عز و جل : وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34)أُولَٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ (35)
و جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة عن الرسول صلى عليه و سلم أنه قال : * أد الأمانة إلى من ائتمنك و لا تخن من خانك *
كما نذكر مجموعة من النقاط التي تجسد أهمية الأمانة كخلق إسلامي رفيع و أساس إجتماعي ، و من هذه النقاط نذكر :
- هي أساس الدين و عماده وبها يصح إيمان الشخص و يبرء من النفاق و الرياء .
- تعتبر طريقا للإلتزام بهدي الله سبحانه و الإلتزام باوامره و تجنب نواهيه .
- الانسان الامين في دينه يبعده الله عن الشهوات و المعاصي و زلات النفس .
- التخلق بصفة الأمانة تعود على المتخلق بها بحب الله له و حب الناس و إحترامهم له .
- أجر و ثواب الأمانة عظيم عند الله في الدنيا و الآخرة .
- هي سبب في اكتساب ثقة الناس مما يزيد من فرصه و حظوظه في حياته الدنيا .
- تزيد من قوة الإنسان المؤمن و من عزيمته و ثقته في نفسه و ثقة الناس فيه .
- الأمانة و التخلق بها يساعد على تصالح الإنسان مع الناس و مع نفسه و تحسين ظروفه و معيشته الدنيا.
- تساعد الأمانة بين المجتمعات و حفظ المعاهدات و المواثيق على تحسين العلاقات و توطيد السلم و نشره و نشر الخير في الأرض .
- تساعد الأمانة على إتقان العمل و الإخلاص فيه مما ينهظ بحياة الأفراد و المجتمعات للأحسن و الأفضل بدون شك .
و غيرها من ضرورات الأمانة التي وجب علينا التخلق بها و العمل بأركانها و معاهدة أنفسنا عليها ، كما وجب على الوالدين أن يطبعوا هذه الصفة في أبنائهم بأن يكونوا قدوة لأبناهم بالعمل و التخلق بها ، فبها نحيا بخيرو أمان و سلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق